1- حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَأْتي الشَّيْطانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذا مَنْ خَلَقَ كَذا حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ).
2- حديث أَنَسِ بْنِ مالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَساءَلُونَ حَتّى يَقُولوا: هذا اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ).
الشرح:
في هذين الحديثين بيان خطر الوساوس الشيطانية التي يلقيها الشيطان في روع المؤمن.
والوسوسة هي كل فكرة خبيثة تكون خاطرة لا يستقر عليها القلب ينفر منها قلب المؤمن وينزعج وتسبب له قلقا وتكون متوجهة للتشكيك في وجود الله أو كمال قدرته وعلمه أو شيئا من صفاته الحسنى أو سوء ظن بالله وأفعاله ونصرته لأهل الحق.
والشيطان وسواس يهجم على المؤمن ويحاول إفساد دينه وعقيدته وانتكاسته عن الحق كما قال تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ).
والشيطان يتدرج مع المؤمن في سلسلة من الأفكار يبتدأ معه بالفكرة السهلة السائغة فيخاطبه من خلق هذا فإذا استجاب لنداءاته المتكررة انتقل به حتى يسأله من خلق الله سبحانه وتعالى ليشككه في أصل دينه.
والشيطان يتسلط على المؤمن أما الكافر والمنافق فلا حاجة للوسوسة فيه لأنه استولى عليه وبيته خرب. والشيطان يهجم على المؤمن في حالات ضعفه من شدة الفرح والحزن كما نبه على ذلك السلف.
ولما اشتكى الصحابة لرسول الله ما يجدونه من الوسواس والتشكيك في أصل الاعتقاد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بأنه صريح الإيمان.
ومراده أن القلب الذي ينكر هذه الوساوس وينزعج منها يدل على كمال إيمانه وصفائه لأنه قلب سليم يمرضه ويؤلمه ما يرد عليه من خواطر الشك والنفاق أما القلب المريض العليل لا يضره ذلك.
ومن وجد شيئا من هذه الوساوس فليتعوذ بالله السميع العليم ويلتجأ إليه من شر الشيطان ووساوسه ثم ليقطع التفكير فورا عن هذه الأفكار الخبيثة ولا يسترسل معها أبدا.
ثم ليشغل باله وفكره بما يفيده وينفعه من علم أو عبادة أو سلوك أو تجارة أو إحسان إلى الخلق المهم لا يجعل قلبه فارغا نهبا للشياطين تتلاعب به.
ومن ضعف واسترسل وراء هذه الأفكار تمكن من قلبه الفساد وغلب على تفكيره الشك والنفاق وأصغى لكلام الملحدين والمشككين وأفضى ذلك به إلى الردة والانتكاسة والعياذ بالله.
الكاتب: خالد بن سعود البليهد
المصدر: موقع آفاق الشريعة